تعلمون ان اللغة العربية بفضل الاسلام العظيم وفي ماضيها المجيد وتراثها العميق تأتي في مقدمة اللغات التي نجحت في القيام بدورها الحضاري الرفيع،وارتقت بأمة من مجتمع الصحراء المتواري،
لتغدو هي ولغتها قائدة الحضارة والمعرفة على مستوى العالم قرونا عديدة. ويكفي في هذا المقام، ان نستذكر أنها شرفت بحمل آخر رسالات السماء إلى الأرض بلسان عربي مبين.
لكن ما يؤسف له في زمننا الحاضر، اتساع الهوة بين العربية وأبنائها، واستحياء بعضهم من الانتساب اليها والتعبير بانغامها الساحرة الأخاذة. ان الأمر لجد خطير، حيث ان اللغة بمثابة الهوية لأبنائها ، فان ضاعت ــ لا قدر الله ــ ضاعت الأمة.
وانا لنشهد عصرا تلعب فيه حالة لغة الأمم والشعوب ــ قوة أو ضعفا ــ دورا مهما في المحافظة على كيان الأمة أو التفريط فيه. كما نشهد زمانا تحرص فيه اللغات المسيطرة على التهام اللغات الأخرى أو إضعافها وتفتيتها، وتتوسل من اجل ذلك كافة الوسائل التعليمية والإعلامية لتحقيق هدفها، المتمثل ـ في النهاية ـ بالسيطرة على مقدرات أبناء هذه اللغة وثرواتهم، واستقلال ذواتهم وصلابة قراراتهم، حتى يكونوا لقمة سائغة في خدمة مطامع التوسع.
ان ما يطمئن قلوب المؤمنين ويثلج صدورهم قناعتهم بأن العربية محفوظة بحفظ القرآن، فالقرآن خالد ولغته خالدة بإذن الله. وان من أسباب ذلك الحفظ، ان يصطفي الله من عباده الصالحين من يقوم بهذه المهمة الجليلة، فكنتم يا صاحب السعادة خير من يقوم بها في هذا الزمن الشاهد على الهجمات الشرسة على لغتنا الأم، وخير مدافع ومنافح ومحافظ عليها.
والله خلدها وعظم قدرها فخلودها قدر م الأقدار
وتعود في الجنات عند خلودنا لغة النعيم بألسُنِ الأخيارِ
إنا لننظر إلى برامجكم المقررة في مركزكم الزاهر بعين الإكبار والاعجاب، من حيث تنوع الأساليب وتعدد الأهداف السامية.
واننا لنتطلع إلى صحوة مباركة تشق طريقها بقوة إلى مختلف برامج التعليم في مراحله المختلفة والسعي الجاد والدؤوب إلى الزام الطلبة خاصة في المراحل الأولى للتعليم للتحدث بالعربية الفصحى تمهيدا لنقلها إلى كافة المؤسسات الرسمية والجامعية والإعلامية المسموعة والمرئية والإلكترونية، كما نتطلع إلى نشر الوعي بين مختلف الفئات الشعبية والترقي بها إلى مستوى المسؤولية للالتزام بالتعابير العربية أسماء ومسميات والإقلاع عن التسميات الأجنبية لكثير من الأعمال والحرفيات والمباني والمشاريع الخ..
إنها معركة حضارية كبرى شرفكم الله في حمل لوائها والمنافحة عنها وانها لفرصة طيبة ان نهنئكم في اليوم العالمي للغة العربية التي أقرته الأمم المتحدة.
نسأل الله جل ثناؤه ان يجزيكم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، انتم وجميع العاملين في مركزكم المبارك، وان يسدد خطواتكم ويأخذ بأيديكم إلى ما يحبه ويرضاه) .