وخدمة الإسلام والمسلمين في شتى مجالات عمل الخير وهو ابن الجالية الإسلامية وشيخها ومفتيها ،خدمها قرابة ستين عاما وكان إماما لمسجد برستون مالبورن وأحد مؤسسي الجمعية الإسلامية في فيكتوريا ورئيسها انتخب مفت للقارة الاوسترالية عام 2009 وقد عرف الشيخ عبر سنوات عمره بأفكاره الوسطية فكانت إسهاماته في التناغم الحضاري والسلام المجتمعي ملحوظة وبارزة، كان رحمه الله هو أول من تبنى منطق الحوار والحكمة والرحمة وحسن الجوار وله اياد البيضاء في الدعوة إلى وحدة الصف بين ابنا الجالية الإسلامية وحسن التفاهم بين المسلمين والمسيحين هناك.
هذا وقد أقيم عزاء في طرابلس بدعوة من دار الفتوى في طرابلس والشمال، وبيت الزكاة والخيرات ـ لبنان، وجمعية التربية الإسلامية، وجمعية الإصلاح الإسلامية، ومجلس الأئمة الفيدرالي، واتحاد المجالس الإسلامية في أستراليا، وبيت الزكاة في أستراليا، والجمعية العربية في فيكتوريا وآل الإمام وآل ضناوي وأسرة الفقيد ، في قاعة مسجد الرحمن في طرابلس.
ولد الفقيد الكبير رحمه الله في مدينة طرابلس ــ لبنان بتاريخ 25/12/1927، اكمل دراسته المتوسطة والثانوية الشرعية في الكلية الإسلامية ــ دار التربية والتعليم في طرابلس.
هاجر إلى اوستراليا بتاريخ 15/5/1951، لم يكن في مدينة ملبورن أي مسجد أو مركز إسلامي، فبدأ يسعى لجمع المسلمين في مكان لأداء صلاة الجمعة والجماعة.
في سنة 1957 قام مع بعض الأخوة في الجالية الإسلامية من العرب وغير العرب بتأسيس أول جمعية إسلامية في مدينة ملبورن باسم (الجمعية الإسلامية في فكتوريا) وأعلنوها في جمع كبير من المسلمين بعد صلاة عيد الفطر .
في سنة 1964 قام مع بعض الأعضاء في الجمعية الإسلامية في فكتوريا وممثلين عن جمعيات إسلامية أخرى من مدينة سدني وادليد وبريزين بتأسيس اتحاد المجالس الإسلامية في اوستراليا(AFIC)، وتسلم شيخنا الأمانة العامة لهذه المؤسسة لمدة عشر سنوات متتاليات.
وفي سنة 1974 شد الرحال مع إخوانه في اوستراليا بجولة كبيرة أولها إندونيسيا وآخرها المغرب في شمال أفريقيا لجمع التبرعات لبناء أول مسجد في ملبورن. وكان أهم ما حصلوا عليه في هذه الرحلة أن الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله تعالى قد تبرع بمليون ومائة الف دولار للمساهمة في بناء مسجد عمر بن الخطاب في ملبورن ومساجد أخرى في سدني وفي ولايات أخرى في اوستراليا. فضلا عن كل هذا كان رحمه الله يقوم بزيارة الناس في بيوتهم لجمع التبرعات لبناء هذا المسجد بالعشرين والخمسين سنتاً وبالدولار الواحد.
واختارته الجالية لتسلم الخطابة في المسجد الجامع عمر بن الخطاب رضي الله عنه واستمر فيه خطيباً إلى أن أقعده المرض.
في سنة 1978 ابتدأ فضيلته بالمناقشات المتواصلة مع المسؤولين في وزارة العدل لإعطاء الأئمة في اوستراليا الصلاحيات والتراخيص لإجراء عقود الزواج حسب الشريعة الإسلامية. وفي نهاية المطاف تمت الموافقة على ذلك ثم كان هو المرجع الرسمي الشرعي لعقود الزواج والطلاق الخ..في ولاية فكتوريا ــ ملبورن.
وفي سنة 1984 وبعد زيارة قام بها الدكتور محمد علي ضناوي في العام 1981 متفقداً الجالية الإسلامية الاوسترالية وبعد اجتماعه إلى وزير عدل سدني حيث أقنعه برأي الإسلام والقانون الدولي في وجوب التقيد بأحكام قانون مكان عقد الزواج وبالتالي وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية في قضايا زواج المغتربين ثم اطلعه على طريقة الدفن الإسلامية وانها متفقة مع شروط البيئة النظيفة فتقرر ذلك فاستفاد فقيدنا من تجربة سدني فاجرى مناقشات واعية مع دائرة الصحة والمقابر في ملبورن لإيقاف دفن موتى المسلمين في توابيت حسب القانون هناك وبعد جهد من المتابعات استطاع أن يستحصل على قانون يسمح للمسلمين أن يدفنوا موتاهم بدون تابوت مستحصلا على قانون بإجازة الطريقة الإسلامية في الدفن.
ساهم فضيلته بحضور المخيمات الإسلامية التي كان ينظمها اتحاد المجالس الإسلامية في اوستراليا وخارجها فكان أن قام بدور التوجيه والإرشاد لمدة عشر سنوات متواليات يجتمع فيها مع أولاد المسلمين من جميع الولايات في اوستراليا وخارجها. وقد أثمرت هذه المخيمات ثمرة طيبة في تنشئة الشباب المسلم تنشئة إسلامية في ظلال الأخوة في الله.
قام فضيلته ــ رحمه الله ــ بإلقاء محاضرات في مختلف المدارس والجامعات والكنائس في ملبورن للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى فضلا عن ذلك فقد كان يستقبل في المسجد طلاب المدارس والجامعات وأعضاء المؤسسات الحكومية والخاصة للتعرف على الإسلام.
في سنة 1957 وحين تأسست الجمعية الإسلامية في فكتوريا ابتدأ فضيلته في تعليم أولاد المسلمين في عطلة كل أسبوع سنين عديدة حيث كان يأتي بالأولاد من بيوتهم بنفسه إلى المسجد ويعود بهم إلى أهليهم.
كان له بصمة عظيمة في تنظيم رحلات الحج إلى بيت الله الحرام.
قام فضيلته بالدفاع عن القضايا الإسلامية وشرحها للمجتمع الاوسترالي من خلال وسائل الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع وكان يعتبره الجميع حكومة وجالياتٍ مثالَ المحبة والعطاء والاعتدال .
قام رحمه الله ببناء جسور قوية ومتينة بين الجاليات المسلمة والحكومة الاسترالية من خلال التواصل مع دائرة الهجرة ودوائر التربية والشرطة المحلية والفدرالية ونجح في حل القضايا الشائكة بين الجالية والدوائر الحكومية.
شغل منصب امين عام مجلس الأئمة في ولاية فكتوريا ــ ملبورن لأكثر من عشرين سنة وكان عضوا في مجلس الأئمة على مستوى اوستراليا.
مثّل فضيلته مسلمي اوستراليا في مؤتمرات عديدة إسلامية وغير إسلامية في عدد من دول العالم.
اعترفت الدولة اللبنانية بجهوده وتضحياته وخدماته فقدمت له وسام الأرز من رتبة فارس.
في سنة 2001 تلقى وسام الشرف من الملكة اليزبت الثانية لجهوده العملاقة في خدمة الجالية بالرغم من أن سماحته كان دوماً يؤكد أنه يريد وساماً واحداً هو رضى الله عنه ورحمته.
له مواقف واضحة وصريحة وجريئة في كل القضايا العربية والإسلامية.
كان يسعى ويهتم بإقامة تعايش مشترك بين المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى وساهم في كثير من لقاءات الحوار الإسلامي المسيحي الذي كان يعقده المجلس الإسلامي في فيكتوريا وسُمي عضوَ شرفٍ في مجلس (الدين والسلام العالمي) وكان رحمه الله مضرب المثل بين الجاليات.
كان رحمه الله ينظر بفكره الثاقب إلى مستقبل الجالية الإسلامية في اوستراليا وقد لبت الحكومات في مختلف الولايات الاوسترالية طلباته لعلمها انه إنما يسعى لخدمة جالياته الإسلامية والعربية وتوطيد الأخوة والعيش الكريم بينهم وكانت تلك الحكومات تدرك جيدا انه رحمه الله يأبى التنازل عن حق من حقوق الجالية الإسلامية وانه لا يرضى الدنية في دينه ابداً. وكان رحمه الله المرجع الشرعي الوحيد والمعتمد لمختلف قضايا الزواج والطلاق الخ.. حتى سنة 1990.
فُوِّضَ من قبل الحكومة الاوسترالية لمساعدة اللبنانيين الفارين من الحرب اللبنانية (1975 ــ 1989) الراغبين في الهجرة إلى اوستراليا ، فساعد المئات من اللبنانيين في الحصول على الفيزا الاوسترالية .
تم اختياره لحمل الشعلة الرياضية في أولمبياد اوستراليا.
أقيم له في اوستراليا الاحتفال الذهبي عام 2004 بمناسبة مرور خمسين سنة على خدماته الجليلة في تلك الديار.
سُمي عضواً في المجلس القانوني لمحكمة العائلة (Family court of Australia) الذي أنشأته الحكومة الاوسترالية فكان صلة الوصل بين المحاكم المدنية وأبناء الجاليات الإسلامية في اوستراليا وخَيْرَ سفيرٍ لجاليته المسلمة اللبنانية هناك.
في عام 2004 تم تعيينه ممثل دار الفتوى اللبنانية في ولاية فكتوريا ــ ملبورن.
في عام 2007 انتخبه مجلس الأئمة الفدرالي مفتيا عاما لقارة اوستراليا وبقي في سدة الإفتاء حتى سنة 2011 حيث قدم استقاله لأسباب صحية.
ترأس الاتحاد الإسلامي للمجالس الإسلامية في اوستراليا لعدة سنوات.
أسس أول معهد لدراسة اللغة العربية وتعليم القرآن الكريم وتحفيظه في ولاية فكتوريا ــ ملبورن .
انتقل إلى رحمة الله تعالى في مدينة ملبورن ــ فكتوريا في اوستراليا، وصُلِّي على جثمانه الطاهر في مسجد عمر بن الخطاب والذي كان مؤسسه وخطيبه ووري الثرى في المدفن الإسلامي هناك رحمه الله رحمة واسعة وغفر له وجعله من أهل جنات النعيم.