ولبنان يشهد تطوراً جديداً هو انتخاب مجلس نواب جديد في يوم السابع من أيار 2018 وذلك بعد مرور تسع سنوات على ولاية المجلس الحالي الممدد له، وعلى أساس قانون انتخابي نسبي غير أكثري أقرب إلى مشروع القانون الأرثوذكسي الذي رفضه البلاد والعباد فغيروا اسمه إلى نسبي مع صوت تفضيلي!! فأتى هجيناً غريباً عجيباً، يَصْدُق فيه تسميتُه بنظام إستبدادي بامتياز فقد صادر إرادة الناخبين واعتقل حرياتهم بحجةٍ ديمقراطية مُقْرِفَةٍ مخلّة.
ليس ذلك فحسب، بل إنّ الانتخابات تجري في ظل قانون ظالم، حرم آلافَ الناس المقيمين من حق الاقتراع، رغم ورود أسمائهم في سجلات الناخبين، وذلك بحجة وجودهم في السجون، وإنْ بدون محاكمة أو بدون محاكمة عادلة أو دونَ الإفراج عنهم رغم انتهاء محكوميتهم. وهذا ما تأباه كل النظم السماوية والأرضية إلا النظام في لبنان، وفي كل دولة مستبدة أخرى، لا تُعرف العدالة فيها إلا إسماً على احدى وزاراتها الجوفاء. في حين تلهث وزارة الخارجية في لبنان لإجراء الانتخابات في بلاد الدنيا للبنانيين مقيمين في الخارج وقد يكون بينهم هارب أو فارّ!!! وهذا الموقف الخطير يحتم على المنظمات، العالمية المهتمة بحقوق الإنسان والسجين، السعيَ الجاد لإسقاط مثل تلك التدابير اللاقانونية واللاإنسانية، إلى حد التهديد بتعليق عضوية لبنان في الأمم المتحدة ــ إن لزم الأمر ــ وفي منظماتها المتفرعة ومنها منظمة حقوق الإنسان، إن لم يسقط لبنان هذا القانون وما أفرزه من انتخابات هي إلى الفوضوية والى مصادرة حرية المواطن أقرب وألزم.
وإذا ما استعادت الذاكرةُ الوعودَ التي أُطلقت قبل الانتخابات المعقدة والمصادرة لحريات الناس، من أنّ العفوَ قادمٌ قبل يوم الانتخاب، فإذا بالعفو يتمرد، كما تمرَّدَت السلطات على القوانين والأنظمة التي تأمر بإطلاق السجين فور انتهاء محكوميته (العادلة أو الظالمة). والأغرب من ذلك كله، وفي المقلب الآخر، نجد من يعلن في السلطة أنَّ من هرب إلى العدو الإسرائيلي وأقام عنده (ورضع من حليبه وتم غسل دماغه) له أن يعود إلى لبنان مرحباً به دون محاكمة أو اعتقال وطبعاً له الحق في الانتخاب!!؟
* * *
2 ــ يُطلُّ يومُ التحرير أيضاً بعد 729 سنة في أدقّ مراحل تاريخ هذه الأمة، لما تعانيه من نتائج قاتلةٍ وقاسية من بعض الأنظمة العربية والدولية وما أوجدوه كــ (داعش وزميلاتها) ومن كل لون واتجاه، ومن فتنٍ وحروب، وما رسمته طاولات الدول الكبرى بعناية ودراية، خاصةً تلك التي تملك السلاح والإمكانات ولديها أسلحة تدميرية بائسة تريد تجربتها في حقل واقعي من بشر وحجر.. أما وقد تهيأت خشبات المسارح فليس عليها إلا أن تقذف حممها وتنشر أسلحتها القديمة والجديدة. لكن ما نخشاه أيضاً أن تتفق تلك الدول المختلفة على قضم الكعكة الغنية ـــ عالمنا العربي والإسلامي من جديد ــ أين منها اتفاق سايكس بيكو المشؤوم!! فتغدو أرضُنا المباركة وما نملك مختبراً للتجارب الكثيرة ونغدو نحن النعاج بل الدجاج في ميادين الذبحِ والسلخِ والتقطيعِ من ثم القبرِ !!
3 ـ يبقى تحرير طرابلس الذي أطل علينا هذا العام بعد مرور 729 سنة على احتلالها من الفرنجة لأكثر من 180 سنة، يبقى هذا اليوم الأغر رمزاً لانتصار الحق على الباطل والحرية على العبودية والعزة على المذلة، كما يبقى نبراساً لأهل الحق في أرض العروبة والإسلام. فبعد الاحتلال الطويل وبعد طمس وجه طرابلس الناصع قرابةَ مئتي سنة من الاحتلال، خرج الفرنجة منها مهزومين يجرّون أذيال الخزي والعار. كان هذا النصر المبين بقيادة السلطان قلاوون المجيد. لقد شكل تحرير مملكة طرابلس مدخلاً كبيراً لإجبار الفرنجة على الخروج من سائر المدن المحتلة على الساحل العربي: فبعد انطاكية واللاذقية وطرابلس وبعد جبيل وبيروت المحرومتان من قبل جاء دور صيدا وصور، وعكا وحيفا ويافا وغزة العزّة والصمود، في فلسطين المحتلة اليوم، حيث تشرئب فيها وعليها أعناق يهود يتربصون بالقدس: الأقصى المبارك وكنيسة القيامة ليُصيِّروا القدس العزيزة عاصمةً لكيانهم المزعوم بمباركة من الرئيس زعيم التجار والمغرّدين والمقامرين (ترامب) والذي يطيبُ له طلب المال الكثير، وبإلحاح شديد. فإنْ أُعطيَ طلبَ المزيد والمزيد مع تأكيد شرطِه المخيف أن ينجزوا "صفقة القرن المشؤوم" لصالح إسرائيل الغاصبة المتربصة لأخذ المزيد ومن الفرات إلى النيل.
4 ـ مع كل هذا البلاء وأكثر منه نؤمن وفي الأفق نرى أنّ التحرير الشامل بإذن الله آتٍ، وفجرُ الأمة سينبلج من جديد، مهما طال الزمن وكرَّت السنون والحروب والتضحيات. لكنَّ ذلك كله مشروط بتلمُّس السبل إلى الله والتزامها واختزان الطاقات وبناء الكفاءات وأخْذ الأُهْبة وإعداد العدة، وهذا لن يكون بالقول والتمنّي، بل بالعمل الدؤوب والسهر الطويل، على أن تحقيقه ليس بمستحيل فالفجرُ يأتي بعد ليلٍ بهيم.
وفي يوم تحرير طرابلس المحروسة، يُطلب من شعوبنا جميعاً ومن قادتنا، أن لا يتباكوا أو يخلدوا إلى الانهزام والابتئاس فـ (لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) فعلينا جميعاً أن نَتشبث بقوة الإيمان، وبتقوى الله، وبالوحدة والتضامن، رغم الجرائم والنكبات والزلازل، فإذا ما ضعُف عندنا الإيمان وانقطعت الصلة بالله عندها سنُغلب من جديد لا محالة!!!.
* * *
5 ــ سبيلنا واضح وجليّ: أن نعرف من نحن؟ ماذا نريد؟ ما هي أهدافنا في الحياة؟ وما هي رسالتنا (الخالدة) ؟؟ عندئذ تتحقق الآمال ــ بإذن الله ــ فترى الأمة والأجيالُ كيف توارى الغاصبون وخرج المحتلون واندحر المعتدون، وعادت بلادُ العرب والإسلام إلى عزها ومكانتها وحضارتها وهي ترفل بالعزة والسؤدد، وما انتصار صلاح الدين الأيوبي في القدس وقطز وبيبرس في عين جالوت وفلسطين، والسلطان قلاوون على المغول في حمص ثم تحريره الرائد لطرابلس الأبية، وانتصار مصر عام 1973 فوق خط برليف الإسرائيلي الرهيب إلا نماذج تروى للنهوض ولرفض اليأس وللتشبث بالأمل والحياة الحرة الكريمة... إنَّ موعدهم الصبح، أليس الصبح بقريب؟؟؟.
في الذكرى 729 على تحرير مملكة طرابلس من فرنجة اوروبا
Written by Khaled Ibrahim font size decrease font size increase font size Print Email
25
نيسان/أبريل 2018
أملٌ بانتصار جديد
للدكتور محمد علي ضناوي
1 بعد مرور 729 عاماً تُطل هذا العام في 26 من نيسان ذكرى تحرير طرابلس من الاحتلال الصليبي
- رمضان
- آخر الأخبار
- مواقف